غزوة بدر الكبرى

غزوة بدر الكبرى من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام والمسلمين ولذلك أطلق عليها القرآن الكريم يوم الفرقان.

ونلتقي مرة اخرى في قصة جديدة نتحدث فيها عن غزوة بدر الكبرى، ونكمل الأحداث السابقة:

تاريخ العرب قبل الإسلام | صفحات من السيرة النبوية

حياة الرسول قبل البعثة – من المولد الى نزول الوحي

الدعوة في مكة المكرمة: من بداية الوحي إلى الإسلام الأول

الهجرة الى الحبشة: مسيرة الدعوة في مكة – تحديات وانتصارات

كيف غيرت بيعتا العقبة مسار الإسلام؟ استعراض تاريخي مفصل

أسباب غزوة بدر الكبرى

علم رسول الله ﷺ أن قريش جمعت أموالها وكل أهل مكة اشتركوا في تلك التجارة بما لديه من مال وحملت هَذِه التِّجارة على أَلْف بعير في قافلة يقودها[أَبُو سُفْيان بْن حَرْب بْن أُميَّة]، فحرص النبي محمد على التصدي لقافلة قريش عند عودتهم من الشام، فنادى في المسلمين وقال لهم

هذه عيرُ قُريشٍ، فيها أموالُهم، فاخرُجوا إليها، لعلَّ اللهَ يُنفِلُكُموها(أي يهبها لكم)

حديث صحيح

فلم يجبر الرسول أحد من المسلمين على الخروج بل ترك الأمر للرغبة المطلقة، ولم يكن حث رسول الله ﷺ أصحابه على الخروج للتصدي لقافلة قريش إلا لإسترداد أموالهم التي أخذتها قريش منهم غصباً، والهدف من ذلك التصدي إثبات المسلمين لقريش أنهم قادرون على الإنتصاف مع ظالمهم، وأنهم لا يستهان بهم.

عدد من شاركوا في غزوة بدر

  1. عدد المسلمون على الأغلب ٣١٤ رجلاً من المهاجرين والأنصار، ومعهم فرسيْنِ فقط أَحدُهم لِلزُّبَيْر بْن اَلْعَوام، والْآخر لِلْمقْداد بْن عمْرو الأسْود، وسبعون بعير.
  2. عدد المشركين بعد أن علم أبو سفيان بقدوم رسول الله وأصحابه، بعث يطلب العون من قريش فخرج من قريش قبل إنسحاب بني زهرة حوالي ألف وثلاثمائة رجل، وَكَانَ مَعَهُ مِائَةُ فَرَسٍ وَسِتُّمَائَةِ دِرْعٍ، وَجِمَالٌ كَثِيرَةٌ لا يُعْرَفُ عَدَدُهَا، فنزل قول الله تعالى

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)}

الأنفال

وعندما نجت القافلة من المسلمين استعدت جيوش قريش في العودة، فرجع الأخنس بن شريق ومعه بني زهرة، وأكملت باقي قبائل قريش في طغيانهم، بعد أن قال لهم أبو جهل(واللهِ لا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرَاً، فَنُقِيمَ فيهَا ثَلَاثَةً، فَنَنْحَرَ الجَزُورَ، وَنُطْعِمَ الطَّعَامَ، وَنَسْقِيَ الخَمْرَ، وَتَعْزِفَ لَنَا القِيَانُ، وَتَسْمَعَ بِنَا العَرَبُ وَبِمَسِيرِنَا وَجَمْعِنَا، فَلا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا أَبَدَاً)، فنزلوا قريباً من بدر، خلف كثيب يقع بالعدوة القصوى(مكان بعيد عن المدينة في الجهة الأخرى).

وعلى الجانب الآخر أراد رسول الله ﷺ أن يتأكد من عزم المسلمين معه لأنهم أصبحوا أمام قريش التى كانت تفوقهم عدداً وعدة، ويبدو أن الموقف أصبح بمثابة اختبار للمؤمنين فقال تعالى

{إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)}

والله تعالى يمتحن ما في قلوب المؤمنين فيقول

{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)}

ثم يطمئن الله قلوبهم بقوله تعالى

{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}

الأنفال

العقيدة العسكرية عند الفريقين

رغم كثرة عدد المشركين إلا أنه كانت قلوبهم متفرقة ولم يجتمعوا على قلب رجل واحد، وليس لديهم عقيدة صحيحة إلى هذا اللقاء، غير الدفاع عن أموالهم حتى لا تصبح غنيمة فى يد محمد وأصحابه، وكان طلبهم للقتال لوناً من ألوان الاستفزاز النفسي والنعرات القبلية، دون أن يكون عندهم دافع عقائدي نحو تلك الحرب ولا يعرفون مدى صعوبة عواقبها، وكان قائدهم أبو جهل بئس القائد يستفزهم ويسخر منهم لكى يدفعهم للخروج.

أما المسلمون فقد كانت لديهم عقيدة ثابتة وحافز قوي يدفعهم نحو هذا اللقاء، من أجل إعلاء كلمة الله وطرد قوى الشرك والوثنية الباطلة، وساعد على إيقاظ هذه العقيدة

  • الشعور الأليم بالظلم الذي لحقهم من المشركين مدة خمسة عشر عامًا تقريباً.
  • وأن رسول الله ﷺ كان يطمئن المسلمين إلى تحقيق النصر بقوله{سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم} .
  • حرص الرسول ﷺ على ألا يقطع أمراً دون أن يتشاور فيه مع أصحابه.

ثم نزل التخطيط السماوي لوقائع المعركة بداية من الاستنفار القتالي وختاماً بالنصر فقال تعالى {يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفًا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ﴿٦٥﴾ ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ ﴿٦٦﴾ الأنفال.

أحداث غزوة بدر الكبرى

كانت غزوة بدر في يوم ١٧ من رمضان ٢هجريا، مارس ٦٢٤م، بعد أن تجهز الجيشين للقتال وأصبح الصدام أمر لا مفر منه، كان أول من أشعل المعركة الأسود بن عبد الأسود المخزومي، فكان يتصف بسُوء اَلْخُلُقِ حيث خرج قائلاً: (أعاهد الله لأشربن من حوض المسلمين أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه) فخرج إليه حمزة بن عبدالمطلب فضربه ضربة فوقع على ظهره وأصيبت رجله، ثم حبا إلى الحوض فضربه حمزة ضربة ثانية فقتله وهو داخل الحوض، ثم أرسلت قريش ثلاثة من أحسن فرسانها للمبارزة المسلمين، هم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فخرج ثلاثة من الأنصار لقتالهم ولكن قريش أرادت قتال بني عمومتهم فقال رسول الله ﷺ (قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي) فقاتل عبيدة بن الحارث عتبة بن ربيعة وجرح كل منهما الآخر ثم قطعت رجل عبيدة فمات، فقتل علي بن أبي طالب الوليد وقتل حمزة بن عبدالمطلب شيبة، ثم انقض كل من (حمزة وعلي) على عتبة بن ربيعة فقتلاه، ثم احتدم القتال بين الفريقين وما يزيد المسلمين إلا إيماناً ويقيناً وتثبيتا، بينما ألقي الرعب في قلوب المشركين وخاصتا بعد تساقط عدد من كبرائهم ومنهم قائدهم أبو جهل الذي تسابق الصحابة على قتله وهم (معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء، وعبدالله بن مسعود).

نتائج غزوة بدر الكبرى

انتهت المعركة بهزيمة ساحقة للمشركين، وبنصر وفتح مبين للمسلمين، فأسماه الله بيوم الفرقان حيث فرق الله بهذا النصر بين الحق والباطل.

وقد استشهد من المسلمين ١٤رجلا، بينما قتل عدد كبير من المشركين، حيث قتل منهم ٧٠ رجلاً وأسر منهم ٧٠ رجلاً .

الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى

  1. جواز النكاية بالعدو(بقتل رجالهم وأخذ أموالهم)
  2. أهمية الجواسيس في كشف أحوال العدو وإفشال خططه.
  3. تأكيد الرسول لمبدأ الشورى.
  4. أهمية الإعداد العسكري المادي والمعنوي.
  5. المساواة بين الجندي وقائده في السلم والحرب.
  6. جواز فداء الأسرى.
  7. جواز قتل الأسير وهو في ساحة المعركة، قبل وصوله إلي القائد.

الخاتمة

هذه هي غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون وزلزل فيها المشركون، وأنجز الله وعده، وأعز جنده، وبهذا الانتصار استقر أمر المسلمين في بلاد العرب جميعاً .

متى كانت غزوة بدر الكبرى ؟

في يوم ١٧ رمضان ٢هجريا، ٦٢٤م مارس.

ما أهمية غزوة بدر للمسلمين ؟

استقر أمر المسلمين أصبحوا مهابين في المدينة وكل من جاورها، وتحسن حال المسلمين المادي والمعنوي والاقتصادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top