تاريخ العرب قبل الإسلام مرحلة من مراحل التاريخ فمنذ أن خلق الله الخلق إلي أن يفنى الكون يمر الكون والمجتمع بعصور مختلفة ولكل عصر من هذه العصور عادات وتقاليد وهذه العادات هي التي تميز كل عصر عن غيره من باقي العصور ومن بين تلك العصور :العصر الجاهلي (عصر ماقبل الإسلام).

تعريف عام بشبه الجزيرة العربية ومن يسكنها

لماذا أطلق العرب على بلادهم اسم جزيرة العرب ؟

عُرِف عن العرب أَنهُم يُسَمون بِلادهم بِاسْم جَزِيرَة العرب وَذلِك لِأنَّ اَلْماء يُحيط بِهم مِن ثَلَاث جَوانِب فَفِي الجنوب بَحْر العرب والمحيط الهندي وفي الغرب بحر القلزم (البحر الأحمر) وفي الشرق الخليج العربي أما الشمال بادية الشام وفي قلب شبه الجزيرة العربية يوجد سلاسل من الجبال المرتفعة وقد تكونت شبه الجزيرة نتيجة تصدع حدث للبحر الأحمر فهي تنقسم لأقاليم ومناطق جغرافية مختلفة، وقد قسمها علماء الجغرافيا إلى قسمين أساسيين:

• أقاليم رئيسية: إقليم تهامة وإقليم الحجاز وإقليم البحرين وإقليم نجد وإقليم اليمن.

• أقاليم فرعية: إقليم العروض والربع الخالي وإقليم اليمامة وإقليم عمان وإقليم حضرموت.

فشبه الجزيرة العربية تتغلب عليها الطبيعة الصحراوية فبالتالي لا تنزل الأمطار في شبه الجزيرة العربية إلا قليلاً ولهذا تسمي بالأحقاف (التلال العظيمة من الرَّمل المعوجَّة) وخاصةً إقليم نجد في الجنوب فهو يكاد يكون خالي من السكان فسكان شبه الجزيرة العربية معروفين بكثرة التنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن مصادر المياه وهذه هي حياة البدو التنقل والترحال، فلذلك لم تمكن لهم الحياة البدوية أن يعملوا بالزراعة أو الصناعة أو أي مهنة كانت عند الحضر فسكن العرب جنوب شبه الجزيرة العربية لسقوط الأمطار بها بإنتظام، فقامت الزراعة والحضارة ونشأت المدن والممالك في الجنوب مثل إقليم اليمن وعمان والبحرين وبعض مدن الحجاز مثل مملكة سبأ التي قامت على بقايا دولة معين، واشتهرت سبأ بفضل سد (مأرب) وتحدث القرآن الكريم عن ملكة سبأ وهي (بلقيس) وموقفها من نبي الله سليمان والهدهد.

وقديما كان العرب منقسمين إلى العرب البائدة والعرب الباقية.

• العرب البائدة: عاد وثمود وطسم وجديس وهي تلك القبائل التي عرفناها من الكتب السماوية.

• العرب الباقية: وينقسمون إلى قحطانية وعدنانية والقحطانيون يسكنون جنوب شبه الجزيرة العربية ومن قبائلها سبأ وحمير واللخميون والغساسنة وكندة والأوس والخزرج.

أما العدنانيون يطلق عليهم العرب المستعربة وهم الذين دخل عليهم دم ليس عربيا وذلك الدم هو دم إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام فقد جئ به إلى مكة وهو صغير وتربى بين سكانها من قبيلة جرهم وتزوج منهم.

وبعد انهيار سد مأرب أنتقل سكان شبه الجزيرة العربية من الجنوب إلى الشمال وانتقلت التجارة لعرب الشمال وزاد الإهتمام بمكة كمركز ديني لوجود الكعبة بها، وأخذت لغة الشمال (قريش) تنتشر وهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم فأصبحت هي اللغة المسيطرة على شبه الجزيرة العربية.

تاريخ العرب قبل الإسلام

كما ذكرنا أنَّ شِبْه الجزيرة العربيَّة تتكون مِن قَبائِل عَدِيدَة وقد تَحدَّث اَلقُرآن اَلكرِيم عن بَعْض تِلْك القبائل.

قَبِيلَة عاد

هي قبيلة عربية هالكه، كان قَوْم عاد يَعبُدون الأصْنام ويسْكنون بِالْأحْقاف (التلال العظيمة من الرَّمل المعوجَّة) وهناك سُورَة كَامِلة فِي اَلقُرآن اَلكرِيم بِاسْم تِلْك المنْطقة وأرْسل اَللَّه إِليْهم نبي اَللَّه هُود يَدعُوهم إِلى عِبادة اَللَّه وَحدَه فلم يَستَجِب لَه أحد مِن قَومِه ووصفوا نبي اَللَّه هود بِالجنُون وَالكذِب وقد ذكر ذَلِك اَلقُرآن فِي

وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ

سُورَة الأعْراف 65

فأنْزل اَللَّه عَليهِم رِيح شَدِيدَة مُدَمرَة وَبقَت هَذِه الرِّيح سَبْع لَيالِي وثمانية أَيَّام حَتَّى أهْلكتْهم وَقضَت عَليهِم جميعا، وَقَال تَعالَى

وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (8)

الْحاقَّة 6 – 8

قَبِيلَة ثَمُود

وَهُم قَوْم كَانُوا يعيشون بِالْحَجْر بِوادي اَلقُرى بَيْن المدينة والشَّام وكانوا يَعبُدون الأصْنام وكانوا يتميَّزون بِالْقوَّة والشِّدَّة وذكرَهم اَلقُرآن فِي

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)

سورة الأعراف

فأرْسل اَللَّه إِليْهم نبي اَللَّه صَالِح وأمْرَهم بِعبادة اَللَّه وأن لََا يُشْركوا بِه شَيْء وأن يَشكُروا نعم اَللَّه عَليهِم فلم يُصَدقه قَومُه وأرادوا مِنْه مُعْجِزة تَدُل على صِدْقِه فجاءَهم نَبِي اَللَّه صَالِح بِناقة وَوضَّح لَهُم كَيفِية التَّعامل مَعهَا وأمْرهم بِعَدم التَّعَرُّض لَهَا أو ذبْحهَا ، فقاموا بِالاعْتداء عليْهَا وذبحوهَا كمَا ذكر فِي اَلقُرآن فِي

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)

سورة الشمس 11 – 15

فأنْزل اَللَّه عَليهِم عذابه.

قَبِيلَة مَديَن

هِي قَبِيلَة عَرَبيَّة وتسْكن شَمَال الجزيرة العربيَّة فِي نَاحِية تَبُوك بَيْن المدينة والشَّام ، وكانتْ مَشهُورة بِالتِّجارة فِي الحنْطة والشَّعير وَغيرِها مِن اَلحُبوب . وَهُم قَوْم يَعبُدون الأصْنام ويسيئون لِلنَّاس ويبْخسون الكيْل والْوَزْن ويطفِّفون فِيهَا ويخيفون المارة ويتعاملون بالربا ، فأرْسل اَللَّه عَليهِم نَبِي اَللَّه شُعَيب فدعاهم إِلى عِبادة اَللَّه وَحدَه لََا يشِركون بِه شَيْء ونهاهم عن فِعْل مَا هُو مُحرَّم عَليهِم وذُكروا فِي اَلقُرآن اَلكرِيم فِي

وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْبًا قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)

سُورَة هُود

الحياة الدينية عند العرب قبل الإسلام

اِشْتمَلتْ شِبْه الجزيرة العربيَّة على كثير مِن الأدْيان والْمعْتقدات فَكَان هُنَاك الموحِّدون والْحنفاء مِن العرب : على الرَّغْم مِن تَعدُّد اَلآلِهة فِي ذَلِك الوقْتِ وَعدَم اِسْتقْرار العقيدة إِلَّا أنَّ التَّوْحيد ظَلَّ ثَابِتً فِي قُلُوب الحنفيِّين وَمِمن أتبع الحنيفية ( زَيْد بْن عَمرُو بْن نُفَيل اَلقُرشي ) كان يَتَعبَّد عَلِي دِين إِبْراهيم عليْه السَّلَام ، و (قسُّ بْن ساعده الأيادي ).

اليهوديَّة

عَرفَت هَذِه الدِّيانة قَبْل الإسْلام بِقرون وكان اليهود يعْرفون بِقدوم نَبِي آخر الزَّمَان وكانوا ينْتظرونه كمَا جاء فِي ( التَّوْراة والْإنْجيل ) وَلكِن عندَم ظهْر ذَلِك اَلنبِي كَفرُوا بِه ولم يُصدِّقوه وكانتْ أُصول اليهود لَيسَت عَرَبيَّة بل جَاءُوا إِليْهَا مِن بِلَاد الشَّام و بعض اليهود سْكن يَثرِب مِنْهم بَنُو قَينُقاع وَبنُو اَلنضِير وَبنُو قُريْظَة وَبحُكم مُجاورتهم لِلْيهود اِعتنَق بَعْض العرب اليهوديَّة مَثَّل بَنُو كِنانة وَبنُو الحارث وَبنُو نُمَير.

النَّصْرانيَّة

اِنْتشَرتْ فِي جماعَات مِن العرب مِنْهم الغساسنة فِي الشَّام واللِّخْمين فِي العرَاق الجنوبيَّة وَدُومَة الجنْدل وَآيِلة وِتيمَاء وَغَيرهَا . وهناك قَبائِل عَرَبيَّة اِعْتنَقه النَّصْرانيَّة مِثْل قُضَاعَة وَبنِي تَغلب وُلخَم وِمْذحج وَتنُوح وطيء ونجْرَان وكان النصارى أيْضًا يعْرفون فِي كِتابِهم أنَّ هُنَاك رَسُول سَيأتِي وموْجود في كتبهم مُواصفات اَلنبِي مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم وَمِمَّن اِعترَف بِذَلك مِن النَّصارى ( وَرقَة بْن نُوفَل ) ، وقد اخْتَلف المسيحيُّون فِيمَا بَعْد حَوْل اَلمسِيح وَأُمه فَلم علْم النَّاس أَنهُم لََا يتَّفقون على أُصُول دِينهم تَركُوهم وانْصرفوا عَنهُم .

المجوسيَّة

هُم عَبدُه النَّار وكانتْ هذه العبادة مُنتشرَة فِي بَعْض قَبائِل البحْرين لِتأثُّرهَا بِمعْتقدات الفرس المجوسيَّة وذكرتْ المجوسيَّة فِي اَلقُرآن فِي آيات عَدِيدَة.

الوثنيَّة

لََا شك بِأنَّ حَيَاة العرب قَبْل الإسْلام كَانَت غَيْر مُسْتقِرَّة وكانوا شَعْب وَثنِي تَدُور عقيدَته الدِّينيَّة حَوْل الأصْنام المعْروفة فِي تِلْك الفتْرة وكانوا لَايتفقون عَلِي عِبادة إِله وَاحِد حَيْث كَانُوا يُقدِّسون أصْنامهم المشْهورة وَمِنهَا اللَّات والْعزَّى ومناه الثَّالثة اَلأُخرى وَيغُوث وَيعُوق ونسرَا .

وَكَان لِكلِّ قَبِيلَة صنم خاصٍّ بِهم يعْبدونه ويقدِّسونه ورغْم ذَلِك كَانُوا يُؤمِّنوا بِوثنِيَّة وَاحِدة فقد كان الاخْتلاف بيْنهم فِي شَكْل الصَّنم ( المعبود ) اَلذِي يعْبدونه وتعدُّد الأصْنام يَدُل على عدم اِسْتقْرار العقيدة فِي نُفُوس أصْحابهَا وَلعَل هذَا الإضْراب هُو اَلذِي جعلهم يُنْكرون دَعوَة اَلنبِي إِلى عِبادة إِله وَاحِد وَجَاء ذَلِك فِي قَولِه

أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)

سورة ص 5

وَيُنسَب دُخُول الأصْنام إِلى شِبْه الجزيرة العربيَّة ل ( عَمرُو بْن لُحَي ) وَهُو أَوَّل مُلُوك خُزَاعَة وَأنَّه ابتدَع لِلْعرب أَشيَاء فِي الدِّين كالسَّائبة والْوصيلة والْحَام وَغيرِها مِن البدع اَلتِي ثَبتَت فِي عُقُول العرب ،وذكر اَلكلْبِي فِي كِتابه ( الأصْنام ) عن وَصْف الأوْثان والْأصْنام والنَّصْب فَقَال النُّصْب هُو صَخرَة لَيسَت على صُورَة إِنسَان والْأغْلب أنَّ لََا يَكُون لَهَا صُورَة ، الوثن هُو مَا كان على صُورَة إِنسَان مِن حجر فقط ،الصَّنم وَهُو على صُورَة إِنسَان مِن مَعدِن أو خشب.

ما أهم صنم عند العرب قبل الإسلام ؟

هُو ( هُبَل ) وَكَان مِن الخرز الأحْمر على صُورَة إِنسَان وذراعه مَكسُورة فأبْدلتْه قُرَيش ذِراعًا مِن الذَّهب وَهُو كبير اَلآلِهة وَكَان يُوجَد بِالْكعْبة .

مُعْتقدات أُخرَى

وهناك دِيانَات أُخرَى كَانَت تَعَبدهَا العرب مِثْل عِبادة الملائكة وعبادة اَلجِن وَذكَر اَلقُرآن فِيمَا يَخُص ذَلِك فَقَال

قَالُوا سُبْحانك أَنْت وَلِينَا مِن دُونهم بل كَانُوا يَعبُدون اَلجِن أكْثرهم بِهم مُؤْمنون

سورة سبأ 41

وجعلوا الملائكة الَّذين هُم عِبَاد الرَّحْمن إِناثًا أشْهدوا خَلقُهم ستكْتب شهادتهم ويسْألون

سورة الزُّخْرف 19

الحياة السياسية عند العرب قبل الإسلام

كان العرب فِي شِبْه الجزيرة العربيَّة ينْقسمون إِلى بَدْو وَحضَر وَكَان مَسكَن البدْو فِي الصَّحْراء والْوحْدة اَلتِي كَانَت تجمُّعَهم هِي القبيلة يَربُط بيْنهم العصبيَّة والدَّم. ويعيش الحضر فِي أَماكِن تَواجُد الميَاه والزِّراعة وبالتَّالي تَقُوم بِهَا بَعْض الصِّناعات البسيطة وأيْضًا التِّجارة وَكُل هَذِه العوامل تَجعَل الحيَاة مُسْتقِرَّة وبالتَّالي وجِدَتْ الممالك والْمدن مِثْل الحجَاز وَمِن أَشهَر مُدُن الحجَاز يَثرِب والطَّائف وَجدَّة.

وهناك اليمن وحَضْرَمَوْت وَعدَن وَهُم فِي جَنُوب شَرقِي شِبْه الجزيرة العربيَّة وتتمَيَّز أراضيهَا بِالْخصوبة بِسَبب الأمْطار الصَّيْفيَّة الغزيرة مِمَّا سَاعَد على قِيَام الزِّراعة هُنَاك.

أَمَّا البدْو فكانوا يعيشون فِي الصَّحْراء كمَا قُلنَا سابقًا وكانوا ينْقسمون إِلى قَبائِل وَكَان كُلُّ فَرْد يُحِب قبيلَته ويتعصَّبُ لَهَا ويدافع عن أَفرَاد قبيلَته ظالمًا أو مَظلُوماً وكانتْ كُلُّ قَبِيلَة تَخْتار لَهَا شيْخًا لِيدافع عَنهَا ويساعد الضُّعفاء مِن قبيلَته ويدْفع الدِّيَات عن فُقَراء القبيلة ويتقَدَّم صُفُوف الجيْش فِي اَلحُروب.

وكان عندهم مَجلِس يُعرَف ب ( مَجلِس القبيلة ) ووظيفته مُعَاونَة شَيْخ القبيلة فِي إِدارة اَلأُمور ويتكَوَّن هذَا اَلمجْلِس مِن أَولَاد القبيلة الأحْرار بَعْد سِنِّ الأرْبعين ويشْتَرط فِيهم العقْل والْمَال، وَكَان مَكَان اِجْتماعهم فِي خَيمَة شَيْخ القبيلة.

وعُرف عن البدْو كَثرَة اَلحُروب والنِّزاع بَيْن القبائل لِأتْفه الأسْباب وكانتْ تُعرَف هَذِه اَلحُروب ب أَيَّام العرب وأشْهرهَا يَوْم دَاحِس والْغبْراء ويوْم اَلفُجار ويوْم البسوس.

فالْعَرب فِي البادية لَم يَكُن لَديهِم حُكومَات مِثْل الحضر فكان الشخص الذي يحكمهم هو شيخ القبيلة.

الحياة الثقافية عند العرب قبل الإسلام

كان لِلْعرب قديمًا حضارَات وَهذِه الحضارات كَانَت مَوجُودة فِي شَمَال وَجنُوب إِقْليم الحجَاز وَهذَا دليل عَلِي أنَّ العرب لَيْس أَهْل جَاهلِية ولَا يُوصفون بِالْجَهْل والتَّخلُّف، فالْجاهليَّة اَلتِي اِتَّصف بِهَا العرب قَبْل الإسْلام هِي عدم مَعرِفة الإنْسان لِلْقراءة والْكتابة فَهِي مُرَادفَة لِلْأمِّيَّة، وكانتْ اَلأُمية مُنتشرَة فِي البادية لِمَا يَمْتاز بِه البدَويُّ مِن ذَاكِرة قَويَّة يَستطِيع مِن خِلالِهَا حِفْظ مَا يَمُر بِه فلَا حَاجَة لَه لِمعْرِفة القراءة والْكتابة وكانوا يتميَّزون بِالْفصاحة والْبيان والْبلاغة فَكَان مِنْهم شُعَراء مِثْل:

• زُهَير بْن أَبِي سُلمى ويسمَّي ( حكيم الشُّعراء ) فِي الجاهليَّة

• عَنترَة بْن شَدَّاد فَهُو مِن أَشهُر فُرْسان العرب

• حاتِم الطَّائيّ ومشْهور بِكَرَمِه

• امْرؤ القيْس

وكانوا أهْل نَثْر وَخَطابَة وَحِكمَة وَمِن خُطَباء الجاهليَّة:

• قسَّ بْن ساعده الأيادي

• كعْب بْن لُؤَي

• عمْرو بْن كُلْثُوم التَّغْلبي

• أكْثم بْن صَيفِي التَّميمي.

وكانتْ أسْواقهم تَمتَلِئ بِالشُّعراء والْخطباء وأصْحَاب البلاغة وَكُل هذَا يَدُل عَلِي أنَّ العرب أَهْل ذَكَاء ودراية وَخِبرَة وتفوُّقهم الأدَبيُّ واللُّغويُّ خَيْر دليل على تَفوقِهم اَلعقْلِي، وعرفوا الْعلوم التي تَعتَمِد على قُوَّة الملاحظة وَيقظَة العقْل فعرفوا تَوارِيخ اَلأُمم المجاورة مِن اَلفُرس والرُّوم فبرعوا فِي الرِّواية وَكذَلِك عرف العرب كثيرًا مِن الطِّبِّ والصَّيْدلة ووصلوا إِلى مَعرِفة الشِّفَاء بِالْأعْشاب ومنْهم الحارث بْن كِلْدَة الثَّقَفي وَكَان مَشهُور بِطبيب العرب وأخْذ الطِّبِّ عن بِلَاد فَارِس.

الحياة الإجتماعية عند العرب قبل الإسلام

الْعَرَبِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُمْ عَادَات اِجْتِمَاعِيَّةٌ إيجَابِيَّة أَقَرَّهَا الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَادَات سَلْبِيَّة حَرَّمَهَا الْإِسْلَام وَنَهْى عَنْ فِعْلِهَا.

الْمُجْتَمَع الْجَاهِلِيّ لَيْسَ كَمَا وصفه الْبَعْض بِأَنَّه مَاجِنًا وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَبَادِئ وَلَكِنَّه كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُجْتَمَعات الْأُخْرَى لَمْ يَلْتَزِمْ بِالدَّيْنِ الصَّحِيحِ فَاخْتَلَط عِنْدَه الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

وَضْع الْمَرْأَةِ عند العرب قبل الإسلام

وَضْعِ الْمَرْأَةِ يُؤَثِّر بِالسَّلْب و الْإِيجَاب على كُل أَوْضَاع الْعُمْرَان الْبَشَريّ، لِأَنَّهَا لَا تَعِيشُ وَحَيْدَة فِي الْمُجْتَمَعِ، فَهِي الْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَالزَّوْجَة وَالِابْنَة فَهِيَ لَيْسَتْ نِصْف الْمُجْتَمَع بَل هَي الْمُجْتَمَع بِأَكْمَلِه.

فوضعها فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَان يَتَأَثَّر بالبيئة الَّتِي تَعِيشُ فِيهَا، فَكَانَت بِمَثَابَة سِلْعَة تُبَاع وَتَشْتَرِي وَكَان الشُّعَرَاء يمدحون الْمَرْأَة ويتغزلون فِيهَا وَمِنْ حُقُوقِهَا الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى الرِّجَال.

وَكَانَت هُنَاك بَعْض النِّسَاء الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ مَكَانَة عَالِيَة عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُنَاكَ رِجَالٌ عُرِفوا بِشُهْرَة أمهاتهم:

• عمرو بْن هند
• عمرو بْن كلثوم

و مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي ظَهَرَت وَاشْتُهِرَتْ فِي السِّيَاسَةِ وَالِاقْتِصَاد:

• خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنها
• هند بِنْت عتبة

فَرَقِي الْمُجْتَمَع وَتقدمه مُتَعَلِّقٌ برُقِي الْمَرْأَة وتقدمها وَالْعَكْس صَحِيحٌ .

فَكَانَتْ الْمَرْأَة تُذَلّ وتهان فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِذَا عَلِمَ الرَّجُلُ أَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِنْت ظِلّ مُسَوّد الْوَجْهِ بَيْنَ النَّاسِ مَنْ الْعَار فَلِذَاك كَانُوا يئدون الْبَنَات وَهُمْ أَحْيَاءٌ خَشيت الْعَار بِدُون سَبَب فَقَطْ لِأَنَّهَا انثي وَهَذِه أَفْعَال ترفضها الطَّبِيعَةَ الْبَشَرِيَّةَ السَّلِيمَة، فلمَّ جَاءَ الْإِسْلَامُ نهى عَنْ وَأد الْبَنَات وَهُنّ احْيَاء دُون ذَنْبٍ أَوْ جَرِيمَةٍ وَنَهْى أَيْضًا عَنْ قَتْلِ الْأَوْلَاد خَشيت الْفَقْرَ فَقَالَ تَعَالَيْ

وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)

سورة الإسراء 31

وَعلى الرَّغْمِ مِنْ وُجُودِ وَأد الْبَنَاتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَتْل الْأَوْلَادِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ بَعْض الْجَاهِلِين يَرْفُض هَذِه الجَرِيمَة وَكَان يشتريهن ويربيهن مثل:

• صَعْصَعَةَ بْنِ ناجية
• عمرو بْنِ نُفَيْلٍ

النكاح في الجاهلية عند العرب قبل الإسلام

1. نكاح الناس اليوم: هُوَ النِّكَاحُ الْمَعْرُوف حَالِيًا وَاَلَّذِي أَقَرَّه الْإِسْلَام (أن يَخْطُبَ الرَّجُلُ إلَيّ الرَّجُل وَلِيَّتِهِ أَوْ ابْنَتهُ فيصدقها ثُمّ يتزوجها)
2. نكاح الاستبضاع: هُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ طمثها اذْهَبِي إلَى فُلَانٍ فاستبضعي مِنْهُ وَلَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّي يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي ذَهَبَتْ إلَيْهِ وَإِذَا تَبَيَّنَ الْحَمْلِ أَصَابَهَا زَوْجُهَا انْ أَحَبَّ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ خلْفَه الذُّكُور.
3. نكاح الرَّهْط: يَدْخُلُون كُلِّهِمْ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ عَلى الْمَرْأَة كُلُّهُم يُصِيبُهَا فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ دَعَتْهُم وَلَا يَمْتَنِعُ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ حَتَّي يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا فتسمي ابْنِهَا لِأَيِّ شَخْصٍ مِنْهُمْ أَرَادَت وَذَلِكَ الرَّجُلُ لَا يَسْطِيع أَنْ يَمْتَنِعَ أَوْ يُنْكِرَهُ.
4. نكاح الْبَغَايَا: وَكُنَّ يَضَعْن عَلى أبوابهن عَلَمًا وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ الْكَثِيرُون فيدخلوا عَلى الْمَرْأَة كُلُّهُم.

وَهُنَاك أَيْضًا نِكَاح الخِدْن وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَنِكَاح الْبَدَل وَنِكَاحُ الشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمَقْت.

فَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَحَرَّم كُلَّ أَنْواعِ النِّكَاح ماعدا النِّكَاحِ الَّذِي كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ الْعَرَبِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ هُوَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَقْصُورَةٌ عَلى زَوْجِهَا وَحْدَهُ دُونَ سِوَاهُ. وَالرَّجُل حُدِّدَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَقَط.

أَمَّا نِظَام الْعَرَب الاجْتِمَاعِيّ فَقَدْ كَانَ نِظَاما مُفَكَّك غَيْر مُتَرابِط فالعربي لَا يعْرف غَيْرَ قَبِيلَته وعصبيته الشَّدِيدَة لَهَا وَغَيْرُ أَنَّه سادت بَيْنَ الْعَرَبِ عَادَات غَيْرُ مَقْبُولَةٍ مِثْلُ الرِّبَا وَالتَّفَاخُر بالانساب وَالْكِهَانَة وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرُ.

الحياة الاقتصادية عند العرب قبل الإسلام

عندما نتكلم عن الحياة الإقتصادية فنعي بذلك الزراعة والصناعة والتجارة والأسواق والمال فهي مُخْتَلِفَة الأنواع وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ كَثِيرَةً بِسَبَب طَبِيعَة البِيئَة الصحراوية فَكَانَت الْبَادِيَة تَعْتَمِد عَلى الِاقْتِصَاد الرعوي وتربية الحيوانات مثل البقر والإبل والماعز والغنم.

الزِّرَاعَة

كَانَت مَحْصُورَةٌ عَلى الواحات الزِّرَاعِيَّة الْمُنْتَشِرَةِ فِي شِبْهِ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ لوجود مياه الآبار والعيون إلَى جَانِب الْمُدُنِ الَّتِي تَمَيَّزَت ببساتنها لتوافر الْمَاءِ فِيهَا مِثْلُ يثرب(المدينة) والطَّائِف أشتهرت بالزِّرَاعَة وَصَيْد الأسْمَاك وَالْحَيَوَانَات الْبَرِّيَّة.

وَاشْتُهِرَت الْيَمَن بزراعة الْقَمْح وَكَان يُفِيضَ عَنْ حَاجَتِهَا فتصدر مِنْهُ إلَى الْحِجَاز.

التِّجَارة

اُسْتُخْدِمَت الْقَوَافِل التجارية لِنَقْل البَضَائِع وَالطَّعَام والرّكاب فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى ظُهُورِ الْإِبِل خِلَال التِّجَارَة الْبَرِّيَّة؛ وَذَلِك لأنّها أنسب وسيلة لنقل البضائع في الجاهلية، وَلَدَى الْعَرَبِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ تسمياتٍ عِدَّة للقوافل تَعْتمِدُ عَلَى نَوْعٍ الْحُمُولَة عَلَيْهَا، فالقافلة الَّتِي تُنْقَل الطَّعَام تُسمّى (ركابًا) ، و(العسجدية) هِيَ الَّتِي تَحْمِلُ مَتَاعَ الْمُلُوك وَبِضَائِعِهِم الثَّمِينَة مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالذَّهَب، أَمَّا تِلْكَ الَّتِي تنقل البَضَائِع لِلتُّجَّار فَكَانَت (عِيرًا).

كَانَ طُولُ الْقَافِلَة يعْتَمَدُ عَلَى حَجْم البَضَائِع فِيهَا، فالقوافل الْكَبِيرَة يُرسل معها حرّاس يحمونها مِنْ اللُّصُوصِ الَّذِين يوقِفون الْقَوَافِل ويسرقونها، وَكَانَ عَلَى التجّار دَفْع إتاوات لسادة القبائل ليحموا قوافلهم، خَاصَّة تِلْكَ الْقَبَائِلِ الّتِي تَمُرُّ الْقَوَافِل مِن أَرَاضِيهَا.

الصِّنَاعَة

اُشْتُهِر الْعَرَب الجنوبيين بمهارَاتِهم الصِّنَاعِيَّة

• التعدين: تتميز بالتعدين، وَذَلِك لِوْجُود العَدِيدِ مِنَ الْمُعَادن فِي الْمِنْطَقَةِ ، كَالذَّهَب وَالْأَحْجَار الْكَرِيمَة وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ، وَلَقَد قَامُوا بتصنيع الْبَخُور وَبَيْعُه فِي تِجَارَتِهِمْ، بالإضافة إلى العَدِيدِ مِنَ الصِّنَاعَات الْخَفِيفَة الْأُخْرَى الَّتِي استخدموها واستفادوا بِالتِّجَارَةِ بِهَا
• الثَّرْوَة الْحَيَوَانِيَّة: كَانَت الثَّرْوَة الْحَيَوَانِيَّة، وَالرَّعْي عَلَى وَجْهِ الخصوص أَحَد أسباب الْحَيَاة الاقْتِصَادِيَّة فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَاَلَّذِي يَقُومُ عَلَى تَرْبِيَةِ الْحَيَوَانَات وَبَيْعِهَا وَأَكْلهَا، وَكَان الرَّعْي يَتِمُّ عَلَى وَجْهَيْنِ:

1. الرَّعْي الثَّابِت: حَيْثُ يَقُومُ الرَّاعِي الَّذِي يَعْمَلُ بِأُجْرَة بِأَخْذ الْقُطْعَان مِنْ صَاحِبهَا مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْمَسَاءِ بَعْدَ أَنْ تَأْكُلَ وَتَسِير بِالْقُرْبِ مِنْ الْمَنَاطِق السكنية، فِي الواحات وَالْقُرَى.
2. الرَّعْي الْمُتَنَقِّل: فَهِي البَدَاوَة عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ الَّتِي تفْرَضُ عَلَى البَدْو التَّنَقُّلَ بَيْنَ العَدِيدِ مِنَ الْأَمَاكِنِ بحثًا عَن أَمَاكِن أَكْثَر خُصُوبَة لَهَا ولحيواناتها، وَيَعْتَمِد اقْتِصَاد البَدْو المتنقلون فِي الْمَقَامِ الْأَوَّل عَلَى مِهْنَة الرَّعْي.

الْأَسْوَاق

يُعتبر السُّوق هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَعْرِضُ فِيهِ التَّاجِرُ بِضَاعَتَهُ، وَيَذهب الناس إليه بِغَرَض الشِّرَاء والبيع، وَكَانَت الْأَسْوَاقُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَجْرِي عَلَى نمطين؛ امَّا ثابتًا يُقام طِيلَة أَيَّامِ السَّنَةِ، وإمّا مَوْسِمِي؛ يُقام فِي مواسمٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الْعَامِ.

كانَتِ الأسْواقُ تُقام فِي الْمَنَاطِقِ السكنية، الْقَرِيبَةُ مِنْ التجمعات الْبَشَرِيَّة، وعُرضت البَضَائِع فِي الْأَسْوَاقِ امَّا عَلَى الْأَرْضِ، ومفروشة عَلَى شِبْهِ طاولة، امّا بِالنِّسْبَة لكبار التُّجَّار فَكَانُوا يَمْلِكُون الدَّكَاكِين وَالْحَوَانِيتِ الَّتِي يَجْلِسُون فِيهَا وَيَعْرِضُون فِيهَا بِضَاعَتَهُم.

الْمَالِ كَانَ لَفْظُ الْمَال يُطلق عَلَى كُلِّ مَا يَمْلِكُهُ الْإِنْسَان مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ عَقَارٍ وَأَمْتِعَة أَوْ إبِلٍ؛ ذَلِك لأنّ الْإِبِل أَكْثَرَ مَا كَانُوا يَمْلِكُونَه الْعَرَبِ فِي تِلْكَ الْفَتْرَة، أمّا فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّة فَقَد فضّل الجاهليون التَّعَامُل بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِنُدْرَة الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي تِلْكَ الْفَتْرَة ، فَكَانُوا يَقِيسُون وَزْن الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ليثمِنوا بَضَائِعَهُم الَّتِي سيبيعونها، وَكَذَلِك لِتَحْدِيد مُهُور الزَّوَاج عِنْدَهُم.

الختام

وفي الختام هذه هي أهم الملامح العامة لتاريخ العرب قبل الإسلام وقد تكلمنا عن هذه الملامح لنبين ما أحدثه الإسلام من متغيرات عقائدية وسياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية كان لها أثر في حياة العرب وجعلت منها خير أمة أخرجت للناس.