الدعوة في مكة المكرمة: من بداية الوحي إلى الإسلام الأول

الدعوة في مكة

أول ما نزل الوحي على رسول الله ﷺ بدأ دعوته في مكة المكرمة لأنها موطنه ومكان أهله وعشيرته، فكيف كانت الدعوة في مكة المكرمة؟ وكيف إستقبل أهل مكة تلك الدعوة؟

وقد ذكرنا سابقا كيف كانت حياة العرب قبل الاسلام وموقف رسول الله من عباداتهم وتكلمنا عن حياة الرسول من مولده حتى نزول الوحي

  1. تاريخ العرب قبل الإسلام | صفحات من السيرة النبوية
  2. حياة الرسول قبل البعثة – من المولد الى نزول الوحي

نزول الوحي على رسول الله ﷺ في مكة المكرمة

كان هناك علامات واضحة قبل نزول الوحي على رسول الله ﷺ وأهم هذه العلامات

مقدمات نزول الوحي

  1. الرؤى الصادقة الواضحة

فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها (أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه -وهو التَّعَبُّدُ- اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ).

رواه البخاري

2. حب الخلوة والتعبد في غار حراء كما جاء في الحديث السابق

3. بعض الآيات والعلامات التي كانت تحدث للرسول ﷺ قبل النبوة بفترة قصيرة

قول رسول الله ﷺ (إِنِّي لَأعرِف حجرًا بِمَكة كان يُسلِّم عَلِي قَبْل أن أبعَث، إِنِّي لأعْرَفه الآن)

رواه مسلم

بدأ نزول جبريل عليه السلام بالوحي

ثم بدأ بعد ذلك ينزل الوحي على رسول الله ﷺ، وكان محمد ﷺ قد أتم الأربعون سنة ودخل في السنة الحادية والأربعون،وهناك روايات قليلة تخالف ذالك، والملك الموكل بالوحي هو جبريل عليه السلام، فقد قال أهل العلم أنه لم يوكل بالوحي ملك غير جبريل عليه السلام من وقت نزول الوحي حتى توفي رسول الله ﷺ .

ونزل جبريل عليه السلام بالوحي على رسول الله ﷺ في شهر رمضان

قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)

[سورة البقرة:185].

فذلك الشهر الذي نزلت فيه جميع الكتب السماوية على جميع الأنبياء،كما قال الإمام أحمد: إن رسول الله ﷺ قال

نزَلَتْ صُحُفُ إبراهيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أوَّلَ ليلةٍ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَتِ التَّوراةُ لسِتٍّ مضَيْنَ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثَ عَشْرَةَ خلَتْ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَ الزَّبُورُ لثمانَ عَشْرَةَ خلَتْ مِن رمَضانَ، والقُرْآنُ لأربعٍ وعِشرينَ خلَتْ مِن رمَضانَ

الأسماء والصفات للبيهقي

الفرق بين نزول القرآن والكتب السماوية اﻷخرى

قد بدأ نزول القرآن الكريم في شهر رمضان على النبي ﷺ، ثم نزل بعد ذلك مفرقا، بحسب الوقائع على مدى ثلاث وعشرين سنة،أما الكتب السابقة مثل صحف إبراهيم، توراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى فقد نزل كل منها جملة واحدة.

أما عن اليوم الذي نزل فيه القرآن من شهر رمضان فقيل الرابع والعشرين،وقيل الخامس والعشرين، وقيل السابع والعشرين، وهي ليلة القدر، وكانت يوم الإثنين ولا خلاف على ذلك لأن جبريل عليه السلام قد نزل على رسول الله ﷺ في هذه الليالي وجاءه بالرسالة يوم الإثنين.

عن عائشة رضي الله عنها قالت ظهر جبريل عليه السلام في صورة رجل فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتَّى بَلَغَ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}،فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ، فَقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ، وهو ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ؛ أخُو أبِيهَا، وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ بالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإنْجِيلِ ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَكْتُبَ، وكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قدْ عَمِيَ، فَقالَتْ له خَدِيجَةُ: أيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ، فَقالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي، مَاذَا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما رَأَى، فَقالَ ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ فَقالَ ورَقَةُ: نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا

رواه البخاري[حديث صحيح]

ثم تُوُفِّي وَرَقَة بَعْدَ هَذَا بِقَلِيل.

وبعد ذلك انقطع الوحي عن رسول الله ﷺ فترة، حتى ظن رسول الله ﷺ أن الوحي قد انصرف عنه، فنزل قوله تعالى

(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)

[الضحى:3]

ثم أتاه جبريل عليه السلام وقال له: يا محمد إنك لرسول الله حقا ،فهدأت روح رسول الله ﷺ ،ثم جاءه بقوله تعالى

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ (1) قُمۡ فَأَنذِرۡ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ (4) وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ (5) وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ (6))

[المدثر]

وتتابع نزول الوحي على رسول الله ﷺ بعد ذلك.

كيف يتلقى النبي ﷺ الوحي من جبريل عليه السلام ؟

  1. كان جبريل عليه السلام يأتي إلى رسول الله ﷺ على هيئة رجل من البشر.
  2. وأحياناً يأتي لا يراه من عند رسول الله ﷺ ولكن يسمعون له دويا وصوتا كصوت الجرس.

قال النبي ﷺ

(أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليَّ، فيفصم عَنّي وقد وعيت عنه، كما قال: وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول).

رسول الله

وعن عائشة رضي الله عنها قالت

«ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقا».

عائشة أم المؤمنين

ما قاله بعض المستشرقين عن رسول الله ﷺ والرد عليهم

وقد زعم بعض المضللين من المستشرقين أن محمداً قد أصيب بنوبات صرع وجنون ولم ينزل عليه شيء، وهذا وهم وادعاء كاذب على رسول الله ﷺ، لأن المريض بالصرع أو المجنون لا يعي ما يقول ولا يستطيع أن يأتي بكلام معجز ولا بآيات بينات، وكان الصحابة رضي الله عنهم يرونه عند نزول الوحي عليه ويدركون أنه يوحى، وكان الوحي يأتي رسول الله ﷺ وهو في حال اليقظة وما كان يأتي وهو نائم فهي الرؤيا الصادقة.

مراحل الدعوة في مكة

مرت الدعوة الإسلامية بثلاث مراحل مختلفة

  1.  السرية من الدعوة والتي أمن فيها عدد من أقرب المقربين إلى رسول الله ﷺ
  2. الدعوة في الأهل والعشيرة
  3. الجهر والإعلان العام بالدعوة وهذه المرحلة امتثالاً لأمر الله وما نزل به القرآن الكريم.

الدعوة في مرحلتها السرية

المرحلة السرية: بدأ رسول الله ﷺ بتنفيذ أمر ربه بدعوة الناس إلي عبادة الله وحده لا شريك له

تميزت هذه المرحلة بالسرية التامة والكتمان حتى لا تعلم قريش وظلت الدعوة في هذه المرحلة من السرية مدة ثلاث سنوات، وظلت تلك الثلاث سنوات الدعوة سرية فردية على إختيار العناصر التي تصلح أن تتكون منها الأمة الإسلامية وقدوة المسلمين.

أول من دخلوا في الإسلام

  • وكان أول من أسلم على الإطلاق من الرجال والنساء هي السيدة خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله ﷺفقد صدقت بالنبي وأعانته بنفسها ومالها وحسن رأيها ولم تتردد أبدا في تصديق رسول الله ﷺ
  • وثاني من أسلم لرسول الله ﷺ هو علي بن أبي طالب وهو ابن عم النبي ﷺ وقام الرسول بتربيته عنده لأن عمه أبو طالب كان كثير العيال وكان يمر بأزمة مالية شديدة فأخذ رسول الله ﷺ (علي) فلم نزل الوحي على رسول الله ﷺ وعلم (علي) أمن به وأسلم لله وحده،وهو أول من صلي مع رسول الله ﷺ بعد خديجة.
  • وأول من أسلم من الرجال (أبو بكر الصديق رضي الله عنه) كان اسمه في الجاهلية (عبد الكعبة) فسماه رسول الله ﷺ (عبدالله) وكان يلقب قبل الإسلام ب (عتيقا)إما لجمال وجهه وإما لجمال نسبه وشرف أسرته وبقي علي هذا اللقب بعد الإسلام فكان رسول الله ﷺ يقول «من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا»،ولقب أيضاً بالصديق لتصديقه لرسول الله وخاصة في رحلة الإسراء والمعراج .
  • وأول من أسلم من الموالي (زيد بن حارثة) وقد اختطفه بعض العرب وهو صغير من قومه ثم باعوه رقيقًا في سوق عكاظ فاشتراه (حكيم بن حزام بن خويلد) ثم أعطاه لعمته خديجة بنت خويلد ثم أهدته لرسول الله فأعتقه رسول الله ﷺ وتبناه وكان يسمى (زيد بن محمد) إلي أن جاء الإسلام وأبطل التبني.

بعض ما فعله أبو بكر الصديق من أجل الدعوة إلى الله

فلما فرغ رسول الله ﷺ من كلامه أسلم أبو بكر ،فأنطلق عنه رسول الله وكان أسعد الناس علي الإطلاق بإسلامه، وصار أبو بكر منذ اليوم الأول لإسلامه داعية إلى الإسلام، وساعده على ذلك ثقة الناس فيه، والتفاف الفضلاء من حوله، ومضى إلى (عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام) فأسلموا، ثم جاء الغد(بعثمان بن مظعون وأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف، وأبي سلمة بن عبد الأسد، و الأرقم بن أبي الأرقم) فأسلموا أجمعين.

عائشة أم المؤمنين

ثم جاهد بماله ونفسه في سبيل الدعوة إلي الله،فقام بشراء سبعة من العبيد الذين كانوا يعذبون في سبيل الله وأعتقهم، وهم (بِلَال، وَعَامِر ابْن فُهَيْرَة، وزنيرة الرُّومِيَّة جَارِيَة أَبِي جَهْلٍ، وَأُم عُبَيْس، وَالْجَارِيَة الْهِنْدِيَّة وَابْنَتِهَا وَجَارِيَة بَنِي عَمْرِو بْنِ المؤمل).

وهكذا كان الصديق أبو بكر بناء راسخا، وقوة إيمانية دافعة في مسيرة الدعوة الإسلامية منذ أيامها الأولى، وجاهد بنفسه وماله وولده في سبيلها، واستحق أن يتبوأ مكانته العظيمة عند الله ورسوله، وعند سائر المسلمين.

مكان تجمع المسلمين مع رسول الله ﷺ في هذه المرحلة

وقد اتخذوا في هذه المرحلة (دار الأرقم بن أبي الأرقم بن عبد مناف أسد المخزومي)، وكنيته أبو عبد الله، وهو من السابقين الأولين، قيل : أسلم بعد عشرة من المسلمين، وقيل : كان سابع سبعة(أي ما بين السادس والثامن)،كانت تلك الدار عند الصفا، وكانت تسمى «دار الإسلام»، وفيها كان الرسول ﷺ يدعو الناس إلى الإسلام، ويجتمع بأصحابه، ويعلمهم الدين والقرآن، وقد شهدت هذه الدار إسلام (عمر بن الخطاب)، ولم يخرج المسلمون منها إلى مرحلة العلن إلا بعد أن اكتمل عددهم أربعين رجلًا بإسلام حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب .

أبرز من أسلموا في تلك المرحلة

أسلم في هذه المرحلة السرية من الدعوة عدد من أعلام الإسلام ومشاهير الصحابة منهم (حمزة بن عبد المطلب، وأبو ذر الغفاري، وضماد الأزدي وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب، وأسماء بنت أبي بكر وخباب بن الأرت، وعبدالله بن مسعود، وجعفر بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان الرومي)، وغيرهم ممن ذكروا في كتب السيرة.

ونتج عن تزايد أعداد المسلمين في تلك المرحلة انتشرت أخبار من أسلموا بين أهل قريش ولكنهم لم يهتموا بذلك اعتقاداً منهم أن محمداً يتبع الحنيفية وأنه لم يأتي بالدين الجديد،ولكن استمر الناس في الإنضمام للدين الجديد حتى تكوّنت الجماعة الإسلاميّة الأولى وقوي عودها، لتصبح الدعوة جهرية.

وفي تلك المرحلة من الدعوة علم جبريل عليه السلام لرسول الله ﷺ (الصلاة والوضوء) وقيل أن الصلاة في تلك الفترة كانت صلاتين أحدهما قبل غروب الشمس والثانية قبل شروقها،والدليل قوله تعالى

(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ)

[غافر: 55].

مرحلة المواجهة والجهر بالدعوة

وبعد مرور ثلاث سنوات من السرية التامة جاء الأمر إلي رسول الله ﷺ من ربه بإعلان الدعوة والجهر بها وكان ذلك على مرحلتين.

إنذار الأهل والعشيرة (المرحلة الثانية من الدعوة)

قال تعالي(وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217))

[الشعراء]

فلما نزلت تلك الآيات صعد رسول الله ﷺ على جبل الصفا، وظل ينادي ويقول

(يا صباحاه) فالتف الناس حول رسول الله ﷺ ومن لم يستطع الحضور أرسل رسولاً ليأتيه بالخبر،ثم نادى رسول الله ﷺ على كبراء قريش (يا بني عبدِ المطلبْ، يا بني فهرٍ، يا بني لؤيْ،لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم (أي تريد أن تهجم عليكم وتستغفلكم)أكنتم مصِّدقي؟ قالوا ما جربنَّا عليك كذباً، قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال له أبو لهب: تباً لك إلهذا جمعتنا).

رواه البخاري والنسائيومسلم والترميذي

فالتزم رسول الله ﷺ أمر ربه بدعوة أهله وأقاربه بالحب واللين لمن يتبعه ﷺ، وأن يتبرأ ممن عصاه، وكذبه وكذلك اتجه رسول الله ﷺ إلى ابنته وعمته وعمه العباس يدعوهم إلى الله

فقال (يا عباس بن عبد المطلب يا عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت رسول الله سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً).

رسول الله

دعوة قريش والناس عامة ( المرحلة الثالثة من الدعوة)

ثم نزل قول الله تعالى

(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)


(الحجر:94)

ومن هنا كان الأمر بدعوة الناس كافة إلى ترك الشرك والأصنام والفواحش وعبادة الله وحده لا شريك له.

والصدع هنا أمر بالمواجهة كما ذكر ابن كثير، ومعناه افرق بين الحق والباطل كما فسره ابن هشام، فاستمر الرسول ﷺ في دعوة قومه، وتباينت ردود أفعالهم، فمنهم معرض منصرف، ومنهم ساخر مستهزئ، ومنهم متطاول جاهل.

فأراد رسول الله ﷺ أن يصنع طعاماً لمن لم يؤمن من قومه لكي تلين قلوبهم له ولدين الله فدعي بنو عبد المطلب وكان عددهم حوالي أربعين رجلاً فذبح لهم شاة واعد لهم الطعام والشراب،فأكلوا وشربوا وعندما أراد الرسول ﷺ أن يدعوهم إلى الله سبقه عمه أبو لهب وقال : للقوم: سحركم صاحبكم، فتفرقوا.

فلم ييأس رسول الله ﷺ من قومه فكرر النبي ﷺ دعوتهم، ثانية، وثالثة، ثم قال لهم:

«يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأحسن مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوافقني على هذا الأمر»،وتراجعوا عنه جميعا إلا (علي) قال : يا نبي الله أنا أكون وزيرك عليه، فضحك القوم، وقالوا لأبي طالب : إنه يأمرك أن تطيع ابنك!

رسول الله

الختام

هكذا كانت بداية الدعوة في مكة المكرمة فدعي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدقائه وأقاربه وقريش عامة إلى التوحيد وعبادة الله الذي لا إله غيره وترك ما كانوا يعبدون من دون الله ،فمنهم من آمن وصدق بمحمد ﷺ ومنهم من كفر وصد عنه.

متى وأين نزل على رسول الله ﷺ الوحي؟

نزل الوحي على رسول الله ﷺ في ليلة القدر من شهر رمضان وكان يوم الإثنين فقال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر).
ومكان نزول الوحي هو غار حراء الذي كان يتعبد فيه رسول الله ﷺ بعيدا عن قومه

ما هي مراحل الدعوة الجهرية؟

1. إنذار الأهل والعشيرة
2. دعوة قريش والناس عام

متى بدأت مرحلة الجهر بالدعوة؟

بدأت بعد مرور ثلاث سنوات من نزول الوحي

كيف بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة في مكة؟

بدأت الدعوة سرية لمدة ثلاث سنوات لكي لا تعلم بها قريش وتسعى إلى هدم ذلك الدين الجديد .

ما هو المكان الذي اتخذه رسول الله ﷺ مقراً لدعوته في مرحلتها السرية ؟

هو دار الأرقم بن أبي الأرقم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top